الجمعة، 9 ديسمبر 2016

تلخيص الدرس 1 : الحرب العالمية الأولى

الدرس 1 : الحرب العالمية الأولى

مقدمة الدرس :
اندلعت الحرب العالمية الأولى في صائفة 1914 بين الدول الأوروبية نتيجة التوتّر الذي ساد العلاقات الدولية في أواخر

القرن 19 وبداية القرن 20 . دامت 4 سنوات مخلفّة أضرارا بشرية واقتصادية جسيمة وتغيّر في ميزان القوى العالمي.
 I- أسباب الحرب العالمية الأولى:
 الأسباب العميقة :(البعيدة – غير المباشرة ) 
أ * احتداد التنافس بين القوى الأوروبية الكبرى:
- احتدّ التنافس الاستعماري منذ أواخر القرن ال 19 بين القوى الاستعمارية التقليدية فرنسا والمملكة المتحدة , والقوى الفتية
الصاعدة مثل ألمانيا إيطاليا والولايات المتحدة والتي تطالب بإعادة تقسيم المستعمرات.
- أثارت السياسة الخارجية الألمانية التي امتدت إلى الصين والدولة العثمانية مخاوف المملكة المتحدة ، كما اصطدمت
المصالح الفرنسية والانكليزية في السودان وأدّت إلى اندلاع أزمة فاشودا سنة 1898
- من جهة أخرى أدّى تدخّل ألمانيا في المغرب الأقصى إلى اندلاع أزمتي طنجة 1905 وأغادير 1911 وهددت فيها ألمانيا
باستعمال القوة العسكرية لكن تنازل فرنسا عن جزء من الكونغو لصالح ألمانيا فتح المجال لسيطرة فرنسا على المغرب
الأقصى .
ب * سياسة الأحلاف والسباق نحو التسلح :
عرفت أوروبا منذ نهاية القرن التاسع عشر ظهور أحلاف وتكتّلات دفاعية فانقسم الأوروبيون بين كتلتين رئيسيتين وهما:
* الحلف الثلاثي : ويضم ألمانيا والنمسا المجر وايطاليا.و تدعم بانضمام الإمبراطورية العثمانية وبلغاريا سنة 1914
* الوفاق الثلاثي: ويضم فرنسا وانكلترا وروسيا. وانضمت إ ي له ايطاليا بمقتضى اتفاقية لندن 1915 . مقابل وعود ترابية
. واستعمارية ثمّ التحقت الو.م.أ وانسحبت روسيا اثر اندلاع الثورة البلشفية.سنة 1917
انقسام أوروبا بين حلفين أدّى إلى تأجيج السباق نحو التسلحّ فارتفعت النفقات الحربية وسنوات الخدمة العسكرية
وازداد عدد القوات . تف فاقم التنافس في مجال التسلح البري بين ألمانيا وفرنسا واشتد التنافس البحري بين أنقلترا وألمانيا.
❷ 
الأسباب القريبة: (المباشرة ) 
أ * تأجج الشعور القومي في أوروبا الوسطى ومنطقة البلقان :
تأجج الشعور القومي في أوروبا الوسطى ومنطقة البلقان حيث احتد الصراع الروسي النمساوي من أجل الحصول على منفذ
يطل على البحر المتوسط مستغلة في ذلك تراجع النفوذ العثماني في المنطقة والوضعية المعقدة لفسيفساء من الشعوب
والقوميات المتعددة (الجرمانية والسلافية والمجرية )الطامحة إلى تأسيس دول قومية.فنشبت حربين بلقانيتين 1912 و 1913
ب* حادثة سراييفو واندلاع الحرب العالمية الثانية :
- في هذه الظروف المتوترة أقدم أحد ا ق لوميين البوسنيين يوم 28 جوان 1914 على اغتيال ولي عهد النمسا-المجر فرانسوا
فرديناند في سراييفو تعبيرا من السلاف عن رغبتهم في الاستقلال عن النمسا-المجر والانضمام إلى صربيا.
- استغلت النمسا-المجر هذا الحادث وحمّلت صربيا المسؤول ة ي وأعلنت عليه الحرب في 28 جويلية 1914 وبحكم الأحلاف
. القائمة دخلت الشعوب الأوروبية غمار الحرب العالمية الأولى بداية من 4 أوت 1914
ll-
 نتائج الحرب العالميّة الأولى: 
أ * الحصيلة البشرية:
بلغ عدد قتلى الحرب الكبرى 9 ملايين وعدد الجرحى 17 مليون. وتعتبر أوروبا أكبر متضرّر 8 مليون قتيل وتأتي ألمانيا
وروسيا في المرتبة الأولى تليها فرنسا والنمسا في حين كانت الولايات المتحدة أقلّ المتضررين. ساهم ذلك في اختلالات
البنية الديمغرافية ل لسكّان مثل ارتفاع نسب الإناث والشيوخ وتقلص نسب السكان النشيطين.
ب * الحصيلة الاقتصادية وتغيّر موازين القوى في العالم :
- أفضت الحرب إلى دمار كبير في الاقتصاد الأوروبي إذ انهار الإنتاج الزراعي بنسبة 20 % ونجم عن تدمير المنشآت
الصناعية والبنى التحتية تدهور في الإنتاج الصناعي فاق 30 % . كما اضطربت المبادلات التجارية وفقدت أوروبا أسواقها
في آسيا وأمريكا وارتفعت ديونها تجاه الولايات المتحدة واضطرّت إلى إتباع سياسة التضخّم المالي فتراجعت عملاتها مقارنة
بالدولار.
- أما خارج أوروبا فقد أعطت الحرب دفعا للاقتصاد الأمريكي إذ كانت من أبرز المستفيدين حيث أتاحت لها الحرب مضاعفة
إنتاجها الزراعي والصناعي ولعبت دور أوّل مزوّد ومقرض للحلفاء ومع نهاية الحرب أصبحت تملك نصف المخزون
العالمي للذهب وأصبح الدولار عملة عالمية تنافس الجنيه الإسترليني وتحولت نيويورك إلى أوّل مركز مالي في العالم
عوض لندن .
- على صعيد آخر استفادت اليابان وكندا والأرجنتين والبرازيل من تراجع تجارة الدول الأوروبية وحلت محلها في تزويد
أقطار العالم بمنتجاتها الصناعية والفلاحية
ج * صعوبة تسوية النزاع ومعاهدات السلم:
* مؤتمر الصلح بباريس :
- أفتتح المؤتمر في قصر فرساي بباريس في 12 جانفي 1919 بحضور الدول المنتصرة ( أنقلترا ايطاليا, فرنسا, الو.م.أ )
بعد أن تم إقصاء الدول المنهزمة وروسيا من المفاوضات.وخلاله تقدم الرئيس الأمريكي ويلسن بمخطط لإقامة سلم دائمة
يتضمن 14 نقطة تؤكد على نزع السلاح وإنهاء الدبلوماسية السرية وحرية الملاحة الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها
وبعث جمعية أممية للمحافظة على السلم في العالم. غير أن تضارب مصالح الحلفاء حال دون تطبيقها.
* موقف فرنسا تميّز بالحزم إزاء ألمانيا ورغبة في إضعا ه فا وحمّلتها مسؤولية الحرب وطالبتها بتعويضات.
* موقف أنقلترا عارضت المساعي الفرنسية خوفا من اتجاه ألمانيا نحو البلشفية وحفاظا على توازن القوى داخل أوروبا
. * موقف ايطاليا كانت تنتظر تحقيق مطالبها الترابية في النمسا تطبيقا لمعاهدة لندن 1915
* موقف روسيا : أقصيت من الحضور بعد عقد معاهدة براست ليتوفسك مع ألمانيا مارس 1918
* الدول المنهزمة: أجبرت على توقيع معاهدات مفروضة من مجلس الأربعة الكبار
* جمعية الأمم ومعاهدات السلم:
- بعثت جمعية الأمم طبقا للبند 14 من نقاط ويلسن من أجل المحافظة على السلم في العالم. لكنّها تحوّلت إلى نادي للمنتصرين
لخدمة مصالح فرنسا أنقلترا. حيث أقصيت منها الدول المنهزمة وروسيا البلشفية ولم تنخرط فيها الولايات المتحدة. كما خيّبت
آمال الشعوب المستعمرة بمصادقتها على مبدأ الانتداب على المستعمرات الألمانية وممتلكات الدولة العثمانية.
- صدر عن المنظمة جملة من المعاهدات أبرزها:
* معاهدة فرساي: ( 28 جوان 1919 ) حمّلت ألمانيا مسؤولية الحرب فخسرت بمقتضاها 15 % من أراضيها وسبع سكانها
والتنازل عن مستعمراتها للحلفاء . وأرغمت على دفع تعويضات مالية قدرت ب 132 مليار مارك ذهبي للدول المنتصرة
وخسرت أرصدتها المالية بالخارج بالإضافة إلى تحديد الجيش الألماني ب 100 ألف رجل وإلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية
وجعل منطقة رينانيا (شريط بعرض 50 كلم ) منطقة منزوعة السلاح .
* بقيّة المعاهدات:- معاهدة سان جرمان مع النمسا وتريا نون مع المجر.- معاهدة نويي مع بلغاريا.
- معاهدة سيفر مع الإمبراطورية العثمانية حيث جرد ه تا من ولاياتها العربية المشرقية تطبيقا لمعاهدة سيكس بيكو السر ة ي
1916 كما تضمنت توصية لبريطانيا بتطبيق وعد بلفور 1917 لبعث وطن قومي لليهود بفلسطين متجاهلة وعودها للشريف
حسين بتكوين دولة عربية كبرى
* الخريطة الجغراسياسية الجديدة ومخلّفاتها:
أسفرت الحرب والمعاهدات التي تلتها عن تغييرات عميقة تمثلت في:
- انهيار الإمبراطوريات القديمة: الروسية والعثمانية والنمساوية- المجرية والألمانية
- ظهور دول جديدة وهي:
* بولونيا التي بعثت من جديد على حساب ألمانيا وروسيا.
* تشيكوسلوفاكيا التي تكونت على حساب النمسا وألمانيا.
* يوغسلافيا و جمعت بين صربيا وكرواتيا وسلوفينيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك.
* دول البلطيق الثلاث ليتوانيا و ليتونيا واستونيا التي استقلت عن الدولة البلشفية. إلى جانب استقلال فنلندا .
كما نشأت تركيا الكمالية وفرض الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان والانتداب البريطاني على العراق الأردن وفلسطين
---> هذه التسوية خلفّت أخطاء ستكون مصدر توتّر في المستقبل مثل:
• الدول الجديدة ضمّت عديد الأقليات القومية مثل 3مليون ألماني في إقليم السودات بتشيكوسلوفاكيا . كذلك رغم توحيد
سلاف الجنوب في دولة واحدة إلا أنّ يوغسلافيا ضمّت قوميات أخرى مثل الألبان والأتراك والجرمان والمجريين
• المعاهدات التي أمضيت فرضت على المنهزمين واعتبرت قاسية مثل معاهدة فرساي التي خلفّت غضب الشعب الألماني
واعتبروها طعنة من الخلف وديكتات
• خيبة أمل إيطاليا التي لم تحصل على كامل الترضيات الترابية التي وعدت مقابل انسحابها من الحلف الثلاثي
• شعوب المستعمرات أصيبت بخيبة أمل بعد تنكّر الدول الاستعمارية لمبادئ ولسن التحررية ولتضحياتها في الحرب
خاتمة :
بناء على النقائص العديدة التي تضمنتها المعاهدات التي توجت نهاية الحرب العالمية الأولى, فانّه يجوز القول أن شروط تلك
المعاهدات قد انطوت على بذور الحرب العالميّة الثانية. " السلم المنقوصة" أو " سلم منتصرين " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق